كيف ستواجه السويد الحرب الإعلامية وهي في سنة انتخابية بامتياز؟

كيف ستواجه السويد الحرب الإعلامية وهي في سنة انتخابية بامتياز؟
كتبت إيما لوفجرين ، في موقع ذا لوكال، الذي ينقل أخبار السويد باللغة الإنجليزية ، مقالا تحليليا حول الطريقة التي ستواجه بها السويد الحرب الإعلامية وهي في سنة انتخابية بامتياز.

ومن عنوان المقال وديباجته الأولية، تريد كاتبة المقال أن تقول إن الآثار السلبية للتدخل الأجنبي في العملية الديمقراطية، لا يحدها القرب أو البعد جغرافيا، ولا يمنعها حجم الدولة صغرا أو كبرا، فكما تعاني الولايات المتحدة الدولة العظمى البعيدة التي تستريح على شواطئ البحار النائية ، مما وصف بتدخل روسي في عمليتها الانتخابية، تسعى دولة صغيرة في أقصى الشمال الأوروبي ، وهي السويد، إلى تحصين انتخاباتها القادمة، السنة المقبلة، من أي تدخل أجنبي، قد يؤثر حتما على نتائج الانتخابات التي لا تشير أي استطلاعات حولها إلى تمكن الأحزاب والتكتلات الرئيسية من إحراز أغلبية برلمانية فيها ،تمكن من استلام مقاليد الأمور .
الخوف يسيطر على الجميع من أن يغدوا أهدافا لحرب ما بعد الحقيقة الإعلامية، وهي حرب على الأرض حقيقة لا مجازا.

ما الذي قامت به استوكهولم لمواجهة هذا الأمر؟

أنشأت هيئة الطوارئ المدنية MSB التي تعنى ب " قضايا تتعلق بالحماية المدنية، السلامة العامة، إدارة الطوارئ والدفاع المدني". الهيئة أنشئت في وقت سابق، عام 2009، وكانت حينذاك تلعب دورا محدودا في إدارة الأزمات، عبر التنسيق بين مختلف الهيئات في ظروف الطوارئ والكوارث الطبيعية. أما الآن فإنها تواجه عدوا من نوع مغاير يريد أن يحيل قوة السويد المتمثلة في مجتمعها المنفتح، إلى عامل ضعف. ما كشفته هذه الهيئة منذ بدايات 2017، هو أن المجتمع السويدي قوي وفي نفس الوقت هش : نتيجة مذهلة.
ما كان خطيرا بالنسبة لمن يدير هذه الهيئة ، هو مراقبة حجم التدخلات الروسية في أوكرانيا عسكريا وسياسيا وشعبيا، بينما تصر موسكو على أنها لا تتدخل مطلقا في شؤون كييف.

يقول مايكل توفيسون، رئيس قسم المراقبة الدولية والتحليل في هذه الهيئة، للموقع :" حدث شيء ما في أوروبا آنذاك.لقد غزت دولة دولة أخرى وكذبت بشأن ذلك. ظل الجميع يتساءل وظلت تلك الدولة تنكر إلى أن أقرت بذلك . فماذا يعني هذا ؟هذا يعني أن الجميع كان يناقش إن كان ذلك صحيا أم لا، فيما لم تمنع هذه النقاشات بأي شكل خطط تلك الدولة للسيطرة على ذلك المكان "

أحد مكاتب الهيئة تحتله شاشات تتابع كل شيء: مكالمات الطوارئ، حالة شبكة الطاقة في السويد، وسائط التواصل الاجتماعي، البث التلفزي، وكل ما يخطر ببالك. هي مراقبة شاملة إذن، للأخبار الحقيقية والأخبار المكذوبة FAKE NEWS . وقد رصد تنام متزايد في الأخبار المكذوبة في السنوات القليلة الماضية.
وكمثال على ذلك، ظهرت في وسائط التواصل الاجتماعي عام 2015، رسالة منسوبة لوزير الدفاع بيتر هولتكفيست تتعلق بمبيعات أسلحة سويدية لأوكرانيا، وأخرى بتوقيع محقق سامي، تظهر أن استوكهولم مستعدة لتغطي على جرائم حرب حماية لمصالح أوكرانيا. تلقفت وسائل إعلام دولية منها روسية، الرسالتين.: ولا عجب ، فكلا الرسالتين كانت مزيفة.
وبينما يمضي الموقع في تعداد الأمثلة، يخلص إلى أنه في الوقت الذي يمكن أن تسم فيه روسيا الخوف السويدي على طريقة (نظريات جيمس بوند للجوسسة ) فإن السبو Säpo ( وهي الاستخبارات السويدية ) تعتقد أن موسكو هي من أكبر التهديدات الاستخباراتية للسويد.

ويشير المقال إلى أن المواقع التي تنشر هذه الأخبار المغلوطة تحظى ببعض المتابعة، كما يتم تداول ما تنشره بين الجماعات التي تقف ضد سياسة الانفتاح على اللاجئين.
ومن بين المانشيتات المكذوبة التي تريد إحداث فزع (السويد ساحة حرب، إنها عاصمة الاغتصاب في أوروبا، لقد منعوا إشعال أضواء أعياد الميلاد، لن تستطيع بعد الآن تناول لحم الخنزير في القطارات، ... الخ)

عشرات العناوين غصت بها مواقع تمولها موسكو أو مواقع يمينية متشددة مثل موقعي Breitbart و InfoWars.
أهم وأخطر ما تريد أن توصله أخبار وقصص هذه المواقع أن السويد (مجتمع عاطل، القيادة السياسية فيه سيئة، ... الخ) من الصور السلبية التي يريدون تثبيتها.
وبما أن هذه الانتخابات جاءت قريبة من حدث كبير هز أوروبا والسويد، وهو تدفق أمواج اللاجئين من الحرب في سوريا والقلاقل في إفريقيا، فإن انتخابات 2018 ستكون لها حصتها الوافرة من الأخبار المكذوبة التي ستتركز حول اللجوء والفصل بين المواطنين والقادمين الجدد والجريمة كذلك.

هل يمكن للسويد أن تفعل أكثر من ذلك؟ نعم .

تتخذ السويد الآن إجراءات لبناء دفاعاتها بتؤدة. تريد الحكومة السويدية أن يتعلم الأطفال، منذ نعومة أظافرهم، كيف يفرقون بين الأخبار الصحيحة وتلك المكذوبة، وذلك من المراحل الأولى للتعليم الابتدائي، بل ووجد الموضوع سبيله حتى إلى الرسوم المتحركة الشهيرة في البلاد. وانضمت لهذه الجهود كبرى المؤسسات الإعلامية السويدية في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع.
أمثلة من الأخبار المكذوبة:
1 ـ صورة السيارة المحترقة: هي صورة شهيرة – المشكلة أن السيارة كانت تحترق في العاصمة البلغارية صوفيا، لكن المناهضين لموجة اللجوء يستخدمونها حين الحديث عن ازدياد معدل الجرائم في السويد. هي صورة انتشرت انتشار النار في الهشيم، لا يقابل انتشارها سوى ألسنة اللهب التي تتصاعد في الصورة لتحرق صورة اللاجئين، وتحرق معها توجه المجتمع السليم نحو التعددية.

2 – المرأة المسنة: صورة مفزعة لامرأة مسنة أصيب وجهها بكدمات شديدة، تم تداول الصورة على نطاق واسع عبر حساب فيس بوك ينشر عادة مواد مضادة للاجئين والمهاجرين، يزعم أن المرأة المسنة تعرضت للضرب المبرح من قبل طالب لجوء. لكن في الحقيقة الصورة تعود لسنة 2014، والكدمات التي أصابت المرأة هي جراء سقوطها أرضا حين كانت تحاول الوصول إلى الحمام . توفيت المسنة في 2014، لكن صورتها ظلت لكي تنتشر في أخبار مكذوبة متتالية بهدف إثارة المجتمع ضد اللاجئين والمهاجرين.
3 – الطفل الأشقر ذو العيون الزرق : طفل صغير أشقر أزرق العينين، مثال للبراءة الكاملة، لكن صورته شوهت بقطبات حول عينيه. انتشرت الصورة في وسائط التواصل الاجتماعي ، تحت عنوان " طفل سويدي يتعرض للضرب من مسلمين لأن عيونه زرق " . في الحقيقة الصورة تعود لطفلة صغيرة من إمارة ويلز البريطانية اختطفت أضواء العناوين عندما تعرضت لهجوم من كلب العائلة عام 2008.
الخبر المكذوب تم تداوله في 2016، وحصلت الصورة على 3 ملايين إعجاب !!!

4 – السويد تمنع أضواء احتفالات الكريسمس : كذبة انتشرت عبر الشبكة العنكبوتية حول قيام السويد بمنع الأضواء خلال احتفالات أعياد الميلاد ، وذلك تفاديا لإغضاب المسلمين. الحقيقة أن السلطات المحلية في بعض المناطق هي التي منعت الأضواء لاعتبارات السلامة والأمن ولإجراءات أخرى لا علاقة لها البتة بما ذكر في وسائط التواصل الاجتماعي. في حين ظلت معظم مناطق السويد تشع بأضواء احتفالات أعياد الميلاد .

5 – إيغور بوتيلوف : هذا المثال فاقع إلى حد بعيد. ففي عام 2016 ، نشرت إحدى أكبر صحف البلاد مقال رأي يطالب فيه كاتبه ( توبياس لاغرفيلت – وهو طالب في كلية القانون في جامعة استوكهولم وناشط في جمعية تساند اللاجئين )، يطالب فيه بتمكين طالبي اللجوء والمهاجرين غير المسجلين من حق الانتخاب في السويد. كانت المقالة صادمة وجاءت الردود شديدة.

المفاجأة أن توبياس هذا غير موجود على أرض الواقع ، فلا الجامعة ولا المؤسسة لديها شخص بهذا الإسم.
الصحيفة، وبعد أن حذفت المقال من موقعها، قالت إن كاتب المقال هو مهاجر روسي راسلها وغيرها من المؤسسات الصحفية السويدية بالقطعة، كما عمل مع إدارة الهجرة السويدية، واشتغل مع حزب SD الذي ينظر له على أنه معاد للأجانب. كما أنه اتصل في وقت من الأوقات بهيئة الطوارئ المدنية MSB التي تحدث عنها المقال في أوله، عارضا عليها المساعدة في تقصي التدخل الروسي في السويد.

السويد تستمر في إجراءات مراقبة الحدود خلال الربيع السابق

السويد تستمر في إجراءات مراقبة الحدود خلال الربيع

نواد كروية تساعد شباب باحثين عن العمل التالي

نواد كروية تساعد شباب باحثين عن العمل

شاركنا تعليقك